قالت القيادية في وحدات حماية المرأة، ارزي حسن، إن المرأة تحتاج إلى حركة عالمية تجمع كافة النساء من حول العالم تحت مظلة واحدة، وتبحث في قضايا المرأة وسبل حلها، وعلى صعيد شمال وشرق سوريا، دعت النساء إلى التكاتف والعمل بجهد أكبر لبناء مجتمع رصين، مؤكدة أن الثامن من آذار هو بداية عام جديد للمرأة. أبدت مقاتلات وحدات حماية المرأة، منذ الإعلان عنها رسمياً في الـ 4 من نيسان/ أبريل 2013، مقاومة بطولية في التصدي لكافة أشكال هجمات مرتزقة داعش ودولة الاحتلال التركي، حيث أدت دوراً ريادياً في التصدي لهجمات مرتزقة “جبهة النصرة، وأحرار الشام” على كوباني وسري كانيه، وجزعة وتل حميس وتل براك وتل تمر عام 2013. ومع هجمات مرتزقة داعش على كوباني في الـ 15 أيلول/ سبتمبر 2014، تعاظم دور وحدات حماية المرأة في التصدي للهجمات، وخصوصاً بعد العمليات الفدائية للمقاتلتين آرين ميركان وريفان، والنضال الذي أبدته القيادية زهرة بنابر التي استشهدت في الـ 3 شباط 2015 وأفيندار بوطان التي استشهدت في الـ 4 تموز/ يوليو 2015 بكوباني، وقيادتهما للمعارك في وجه داعش داخل أزقة المدينة. ومن خلال مقاومتها البطولية تحولت وحدات حماية المرأة إلى رمز للمقاومة والنضال، وجذبت أنظار العالم أجمع إليها، وذاع صيتها، لتنضم إليها المئات من النساء من حول العالم والاستشهاد على تراب شمال وشرق سوريا. ويصادف الـ 8 من آذار من كل عام، اليوم العالمي للمرأة، وفيه تحتفل النساء بإنجازاتهن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبهذه المناسبة قيّمت القيادية في وحدات حماية المرأة (YPJ)، ارزي حسن، أهم المراحل التي حققتها وحدات حماية المرأة في حماية وصون حقوق المرأة، والخطوات التي اتخذتها، وكيف يمكن رفع هذا النضال إلى مستوى عالمي. باركت القيادية في وحدات حماية المرأة (YPJ)، ارزي حسن، حلول اليوم العالمي للمرأة على كافة النساء اللواتي ضحين بأرواحهن في سبيل نيل المرأة لحقوقها، ومن أجل بناء العدالة والمساواة بين المجتمع وفي سبيل قضيتهن، وتحقيق أهداف عظيمة وصون مكتسباتهن وحريتهن. وبمناسبة حلول اليوم العالمي للمرأة، قالت ارزي حسن إن الثامن من آذار بالنسبة لوحدات حماية المرأة هو بمثابة تقييم ذاتي وتقييم النضال التاريخي للمرأة، وما حققته من خطوات جادة وملموسة، وكم تمكنت من إحداث تغيرات، وبلوغ أهدافها وتحقيق الانتصارات. في الثامن من آذار..YPJتنظم ذاتها وتعيد تحديد أهدافها وتطرقت ارزي حسن إلى الأهداف الاستراتيجية للمرأة على المدى البعيد، مؤكدة: “في هذا اليوم تستطيع المرأة جمع قواها ووضع استراتيجية وأهداف للعام المقبل، وفيه يمكنها تقييم النواقص التي مرت بها خلال العام الماضي، وإعادة تحليلها، وتلافيها في العام الجديد”. وتابعت: “العالم يبدأ عامه مع بداية رأس السنة الميلادية، أما المرأة فعامها يبدأ في الـ 8 من آذار، إذ يعود هذا التاريخ إلى الإبادة التي ارتكبت بحق النساء العاملات في مصنع النسيج، وعبر نضالهن وتضحياتهن تم الإعلان عن يوم عالمي للمرأة، وعلينا ألا ننسى ذلك، إننا نحيي هذا اليوم مقابل التضحيات التي بذلت من قبل المرأة، لذلك من المهم جداً تقييم الخطوات التي خطوناها، لنستطيع تحقيقها العام المقبل بشكل أسرع وأكثر دقة”، مبيّنة أن هذه من أولى أهداف الحركات النسائية ووحدات حماية المرأة”. وأشارت إلى أن وحدات حماية المرأة تقيّم فيها التطورات التي أحدثتها من النواحي العسكرية والفكرية والسياسية، وكيفية تجاوز العقبات، مؤكدة أن يوم الثامن من آذار هو يوم إعادة تنظيم ذواتنا، وإعادة تحديد الأهداف والمشاريع المستقبلية”. “تصعيد النضال يختلف حسب الظروف والعصور” القيادية في ((YPJ ربطت نضال المرأة وما واجهته في القرن الحادي والعشرين، وقالت: “بحسب شروط الزمان والمكان وحسب العصور يختلف النضال، قديماً كانت المرأة تحاول الحفاظ على كدحها، فكانت النساء اللواتي يعملن في المعامل بأجور رخيصة يكافحن لتحقيق العدالة والمساواة، وفي الوقت الحاضر لا نستطيع القول إن هناك اختلاف، أي أننا في القرن الحادي والعشرين، ولا تزال النساء في العديد من دول العالم غير قادرات على نيل حقوقهن وحماية مكتسباتهن، وتكون دائماً تحت رحمة السلطة، وتختلف تقربات كل دولة بحسب سياستها، فإما تفسح المجال أمامها أو تسدها، بحسب أيديولوجية تلك الدولة”. وأضافت: “بمعنىً آخر، أنهن يبقين تحت رحمة الدولة والحكومات، فمثلاً، إن كانت الدولة إسلامية، يتم فرض شريعة الدولة على المرأة، وخير مثال على ذلك، ما حدث في أفغانستان، فكما رأينا، قبل عشرين عاماً تشكلت حكومة شبيهة بالليبرالية، وفتحت الطريق أمام المجتمع لتقوية نفسه، وله حق التعليم والعمل، وهذا أثر على قضية المرأة في تحقيق بعض مطالبها حتى لو كان قليلاً، ولكن بعد سيطرة طالبان على السلطة تغيّر النظام رأساً على عقب، وفُرضت قيود على المرأة ابتداءً من لباسها إلى مصادرة حقها في التعليم والعمل، لتعود بالمرأة إلى خط البداية في المطالبة بحقها في العمل والسياسة، لذا فإن كل هذا مرتبط بسياسة الدولة”. وفي مثال آخر، زادت ارزي حسن: “تختلف القيود التي تفرض على المرأة بحسب سياسة الدولة، أي إذا كان نظام الدولة علمانياً يتم التعامل مع المرأة على هذا الأساس، أما إذا كانت دولة فاشية فيتم التعامل مع المرأة وفق نظام قمعي مثل النظام في تركيا. ورأت القيادية في وحدات حماية المرأة، ارزي حسن، أن السلطة تبني نظامها الحكومي وتحدد شكل دولتها في شخصية المرأة أولاً، أي من المحتمل ألا يتأثر الرجل كثيراً بذلك، فهو يستطيع المطالبة بحقوقه أو معارضة النظام الذي يطبق عليه، ولكن يختلف الأمر بالنسبة للمرأة، وقالت: “نحن نرى أن كفاح المرأة هو كفاح ضد السلطة، فالسلطة هي التي تتحكم بالمرأة، وتحدد ما يصح لها القيام به وما لا يصح، فهو يفرض قيوداً على حياة المرأة، لذلك، علينا (النساء)، في الوقت الحاضر، أن نعي ذلك جيداً، ونصعّد كفاحنا ونضالنا ضد السلطة، وتوجيه رسالة لها بأنها لا تستطيع أن تقرر بدلاً عن المرأة وتتحكم بها كما تحلو لها”. “قوة المرأة في تنظيمها” وشرحت ارزي حسن طبيعة علاقات السلطة، بالقول: “تقبل السلطة بالمركبات القوية في المجتمع، ومثال ذلك، أن علاقة السلطة مع الطبقة التجارية قوية للغاية ومع القوى العسكرية أيضاً، فهي تختار العناصر القوية دائماً وتبذل قصارى جهدها لخلق التوازن بينهم، بينما تستهدف الشريحة الأضعف، أي المجتمع، وفي المجتمع يتم استهدف المرأة، لذلك يجب علينا أن نبني استراتيجيتنا على هذا الأساس، وأن نصبح قوة لإجبار السلطة على تقبل المرأة، كما يجب تحديد مستوى النضال المطلوب منا”. ارزي حسن رأت في تنظيم المرأة وتوحيد كيانها في جميع الميادين وعلى كافة الصعد، واتخاذ قراراتها بنفسها بما يتوافق مع مطالبها وقيمها، إمكانية بناء تنظيم سياسي لها يمكّنها من أداء دورها بشكل مدروس، ما سيجبر السلطة على الاعتراف بها، مؤكدة أن “أصل قوة المرأة في تنظيمها”. أشارت القيادية في وحدات حماية المرأة إلى تشكيل (YPJ) للوقوف في وجه سلطتي الدولة والرجل، وأضافت: “المرأة التي تترك نفسها دون تدريب وقوة عسكرية وفكر خاص بها ودون تحديد أهدافها، فإنها تترك نفسها تحت رحمة الدولة والرجل، ليتحكم بمصيرها”. مؤكدة أن المرأة عندما تتمكن من حماية نفسها بنفسها، حينها لا تستطيع الدولة التحكم بها، وهذا يغيّر موازين المعادلة، كما يمكنها توجيه رسالة للسلطة بأن حدود التحكم بالمرأة محدودة، لذلك يجب إقناع المرأة على هذا الأساس، وبدورنا علينا تنبيه النساء وتوعيتهن، بجعلهن على قدر من الثقة بأنفسهن، ليصبحن مصدراً لإنتاج القوة، بما يفتح الطريق أمام حريتهن أيضاً. وووحدات حماية المرأة، فإنها تهدف إلى خلق هذه القوة ونشر الثقة بين جميع النساء، ليصبحن مثالاً يقتدى بهن. الرأسمالية تريد بناء مجتمع يبتعد عن أعرافه وعاداته وتقاليده لفرض هيمنتها وعن محاولات الرأسمالية إلغاء دور المرأة، أوضحت ارزي حسن أنه دائماً يجب خوض النقاش حول دور كل امرأة في حماية المجتمع وصون قيمها وأخلاقها، قبل التحدث عن اقتصادها ودخلها، “يجب أن نعطي أهمية فائقة لهذه المسألة، فالمرأة التي تبتعد عن ثقافة مجتمعها تختلق الفوضى ضمن المجتمع، ولا تستطيع أن تحمي هذا المجتمع، لذا يجب خوض النقاش عن ذلك، فمثلاً ما سبب ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع خلال عشر سنوات الأخيرة فقط في الشرق الأوسط، وخاصة سوريا؟ إذا أردنا مناقشة هذا فقط، فسنرى التخريبات التي يشكلها النظام بإيديولوجية الرأسمالية والليبرالية، فهذا الطلاق لا يعتبر شيئاً طبيعياً؛ إنما تقليد لثقافة الرأسمالية التي تريد بناء مجتمع يبتعد عن أعرافه وعاداته وتقاليده، لفرض هيمنتها في الشرق الأوسط واحتلاله، لأن الاحتلال يكمن في الفكر، فنحن الآن نواجه احتلالاً لثقافة وفكر المجتمع، حتى مفهوم الحرية يختلف لدى الرأسمالية”. ونوهت إلى الذهنية التي تتحرك بها الرأسمالية وتأثيرها على المرأة، وقالت: “القوى الرأسمالية تدرك جيداً أن الشخص إذا عانى من المشاكل الاقتصادية في مجتمعه، سيلجأ إلى العديد من الوسائل كالسرقة أو بيع أطفاله لتأمين لقمة عيشه، وهذا ما حدث في سوريا، وشاهدناه على وسائل التواصل الافتراضي، وهذه إحدى الطرق والوسائل لانهيار المجتمع، وبالتالي انهيار المرأة، فعلى صعيد مناطقنا (شمال وشرق سوريا) كلما أرادوا وضع المنطقة في موقف محرج، يلجؤون إلى فرض حصار خانق عليها، ويغلقون جميع المعابر والمنافذ الحدودية، بهدف تجويع الشعب لإرضاخه، فالنظام الرأسمالي يقوم بذلك لكسر المقاومة في المجتمع، وهذا يفرض على المرأة أيضاً، فعندما يقوم رجل بمعاقبة زوجته يقطع المصروف عنها بالسياسة نفسها، فطريقة الحرب الاقتصادية هي إحدى الوسائل للتخلي عن الثقافة والإرادة والتسليم، وهذا يطبق الآن، فالنظام الرأسمالي يقوم بذلك بطريقته والدولة تفرض ذلك بطريقتها لذلك الاكتفاء الذاتي يعتبر أحد فروع البحث عن الحرية والمرأة يجب أن تفكر بذلك لتأمين مطالبها واحتياجاتها”. مشددة “علينا إدراك هذه الحقيقة جيداً، أن المجتمع يحمي نفسه بالمرأة، والمرأة تحمي نفسها بالمجتمع، وهذا هو قانون الحياة”. وتطرقت ارزي حسن إلى دور المرأة في تنمية وتقوية العلاقات بين النساء، وقالت: “وحدات حماية المرأة أدت دوراً مهماً في تنمية العلاقات بين النساء بشكل طبيعي، قد يكون تفكيرنا عند تأسيس هذه الوحدات حول كيف نستطيع حماية شعبنا من الحروب والإبادات التي كانت تشهدها البلاد، لكن وجود وحدات حماية المرأة أظهر الفرق بين جميع القوى التي تحارب في المنطقة، وجعلت أنظار العالم تتجه إليها وبشكل خاص النساء، فتشكيل وحدات حماية المرأة فتح المجال أمامها لتتعرف على العديد من النساء، ومن جنسيات مختلفة، وبث روح التعايش بين بعضهن البعض وإزالة الخطر المحدق بهن”. “النساء من حول العالم يحتجن إلى نظام موحد” عن المطلوب من النساء في الوقت الراهن، أكدت زينب: “نحن بحاجة إلى تحقيق أهداف النساء ومعرفة كيفية تصعيد نضال مشترك على مستوى العالم بين جميع النساء، وكنا نضع مقترحاتنا حيال هذا الموضوع في العديد من اجتماعاتنا؛ أي تشكيل كونفدرالية مشتركة للنساء أو حركة مشتركة، مهما كان اسمها فلا اختلاف على الاسم، الأهم هو تشكيل تنظيم يستطيع تقييم وضع المرأة وتحديد أهدافها بشكل يومي، ويستطيع تحديد سياسة خاصة بالمرأة في كل دولة تستطيع بها صون حقوقها، فمثلاً عندما يكثر العنف ضد المرأة في دولة ما أو تضطهد حقوقها، كيف تستطيع حماية ذاتها والتأثير على دولتها والضغط عليها؛ بمعنى أن المرأة تحتاج إلى مركز عالمي خاص بها كمنظمة الأمم المتحدة المختصة بشؤون تطوير العلاقات الودية بين الدول، فعلى مستوى المرأة نحتاج إلى تنظيم شبيه بتلك المنظمة التي تناقش فيها قضايا المرأة وتتخذ قرارات لحماية حقوقها، وهذا الأمر ليس صعباً ولا مستحيلاً ونستطيع تطبيقه، وهذه من أهم احتياجاتنا في هذه الفترة على مستوى العالم”. أما على صعيد شمال وشرق سوريا، فقالت ارزي حسن: “على مستوى شمال وشرق سوريا المبنية على مبدأ الأمة الديمقراطية، الذي استطاع صون حقوق المرأة إلى مستوى معين، لا نستطيع القول إن النساء يتحركن وفق القوانين الخاصة بالمرأة، ولا نستطيع القول إننا استطعنا الوصول إلى جميع النساء والحد من العنف الممارس بحقهن فهذا خطأ، فلا يزال هناك العديد من النساء لا يعرفن مفهوم حرية المرأة، ويجب علينا تقييم كل هذا؛ لنتمكن من الوصول إلى حرية المرأة المطلقة، على هذا الأساس وبهذه الوسيلة نقول لجميع النساء الكرديات والعربيات والسريانيات علينا التكاتف أكثر والعمل بجهد أكبر لنتمكن من بناء مجتمع أقوى؛ لأن تغيير الذهنية يحتاج إلى مجهود كبير”. “يجب ألا نكون أدوات بيد الدولة” في ختام حديثها، استذكرت القيادية في وحدات حماية المرأة، ارزي حسن كافة الشهيدات، وشهداء انتفاضة 12 آذار وقالت: “عندما تخفق السلطة في مخطط ما تلجأ إلى تطبيقه عبر المجتمع، فالخلاف الذي وقع بين فريق قامشلو وفريق دير الزور لم يكن طبيعياً، إنما سياسة طبقتها الدولة لتكبت الكرد مرة أخرى ولكن بيد المكون العربي، لذلك يجب علينا مكونات شمال وشرق سوريا ألا نكون أدوات بيد الدولة”. كما استذكرت الشهيدة الأممية، هيلين قرجوغ، التي استشهدت في الـ 15 من آذار عام 2018، خلال مقاومة العصر، بالقول: “الشهيدة هيلين كانت صوت العدالة والضمير والمساواة، فالرفيقة هيلين انتفضت في وجه الدولة التي أرادت سحق الكرد، لذلك نرى الشهيدة هيلين رمزاً للشعب الإنكليزي صاحب الضمير الذي وقف إلى جانب الشعب الكردي، وهي ريادية لجميع النساء ونقتدي بها، وبمناسبة يوم الثامن من آذار نستذكر جميع شهيداتنا”.